فالمسألة إجماعية لا شك فيها عند هؤلاء الأئمة رضي الله تعالى عنهم. قال: (إلا من باين الجماعة) أي: من خالف الجماعة (واتبع الأهواء المختلفة، فأولئك قومٌ لا يعبأ الله بهم لمّا باينوا الجماعة) فلا يُعتد بخلافهم. فهذا من أقوى الدلائل على الإجماع، وخطر مخالفة الإجماع أن الله تعالى قال: ((
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ))[النساء:115]. فماذا تريد يا من تخالف الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وعلماء الإسلام؟! هذا مصيرك وهذا جزاؤك إن اتبعت غير سبيل المؤمنين وشاققت الرسول صلى الله عليه وسلم وخالفت الحق من بعد ما تبين لك. يقول: (لا يعبأ الله بهم) أي: لا يعتد بمن خالف الإجماع، ولا سيما إذا كان مصدر تلقيه غير إسلامي، ولهذا لما سئل
يزيد بن هارون رحمه الله تعالى عن الفتن والبدع والكلام قال: نحن أخذنا علمنا عن أتباع التابعين عن التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاسألوهم عمن أخذوا؟ يقول: الذي نقوله لكم نحن -علماء
أهل السنة - أخذناه بهذا السند العظيم، فأخذناه عن أتباع التابعين عن التابعين عن الصحابة، فائتوا بأهل البدع، فقولوا
للجهمية : عمن أخذتم؟ وقولوا
للقدرية : عمن أخذتم؟ فسيقولون: هذا مقتضى العقل! وهو هوى سموه عقلاً، ويقولون: هذا ما قال به الحكماء القدماء، كـ
أفلاطون و
أرسطو ! فلم يأخذوا عن كتاب الله ولا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.